الجزء الثاني من رواية : المغبونة
تأليف : دجو
ــــــــــــــــــــــــــــــ
.... قعدت وحدها ، السبحة في يديها ، ظهرها على الحيط ، ظهرها مقوس من آثار الزمان ، قعدت تسبح و سرحت بخيالها ، حتى لين طاحت السبحة من يديها ، سرحت في تصويرة المرحوم ، تفكرت وقت كان يمشي يخرج يسقي الزيتون ، يهز معاه " العايش " فوق كرايمو ، وقتها كان شاريلو ، مضلة و دنڨري صغير و قفة صغيرة يحط فيها الڨاميلة متاعو ، كان يطلع بيه للزيتون و بعد يمشيو زوز للڨرعة و يقعد يحفظ فيه في القرآن ، يروحولها كان عقاب العشية ، يلقاو الفطور حاضر فيه كل خير ! هوما يبداو باش ياكلو و هو يسألها :
بعثت فطور حمد خويا ؟
وقتها كان خوه حمد عازب يعيش معاه في الدار لكبيرة ، عاطينو بيت وحدوا ! تفكرت وقت كان المرحوم يكمل عشاه ، يمشي يصلي العشاء و يبدى يغمز فيها و ينهز فيها قدام " العايش " و يقلها :
هاني ماشي نرڨد ها بنت عمي
و هي تجبد عليه بالمرتاح و تقلوا :
برة مازال ما عنديش نوم ، نكمل المسلسل و نمشي نغسل الماعون و بعد تو نرڨد !!
و هي سارحة في خيالها ، فوق الكليم متاع العادة ، في الحوش متاع العادة ، حذا قلة الماء متاع العادة !
بدات تجي على وجها بسمة و عينيها مازلت بالدموع . تفكرت زادة المرحوم كيفاش كان يعاملها ، من دون رجال الهنشير الكل ، كان هو الراجل الوحيد لي يقدر مرتو ، عمروا ما جرحها بكلمة و عمروا ما هز يدوا عليها، تفكرت كيفاش نساء الدوار الكل كانو يغاروا منها و يحسدوا فيها ، تفكرت كيفاش كانوا يقطعوا و يريشو فيها في غيابها و كيف تحظر كانوا يجيو بالوحدة بالوحدة يصبوا ببعضهم ، تفكرت كيفاش كانت تنحي من عندها و تودهم و قداش هوما كانو يبغضوها !!!
تفكرت برشة حاجات ، تفكرت كيفاش كان المرحوم يهزها كولموسم للسوق و يمدلها لفة أوراق و يقلها :
ها بنت سعيد ، بري أقضي شانك مالسوق ، بري إشري قطعتين مالجديد ، ما نحبش يڨولو " خميّس ولد بن عياد " يلبس في مرتو مالفريب ، نحبك تاخذي آش تحبي و كان نقصك فلوس ، نا هاني ڨاعد في قهوة الإستقلال نستنى فيك أبعثيلي طفل تو نجي نزيدك !!
تفكرت برشة حاجات باهية ، تفكرت أيام العيشة المرتاحة و أيام كان الذل و الجوع و الميزيريا تسمع بيهم سمع من بعيد لبعيد ، تفكرت و هي سارحة هكاك دموعها زادت هبطت آما بسكات و هي تدوح في راسها ...
قامت من بلاصتها هي متركزة على عكازها ، قامت و مشات جابت البابور و شعلتو و حطت تطيب في براد تاي ، عمرت البراد و مشات تعكز ، خطوة خطوة للباب ، طلت تلقاش العايش مروح و لا تلقاش واحد مالحومة تسألو عليه ، طلت و حد ما وفى نظرها الشارع فارغ و البطحة فارغة !!
رجعت تمشي بالخطوة الرصينة ، و رجعت لتركينتها متاع العادة ، فوق الجلد و الكليم متاع العادة حذا قلة الماء متاع العادة و قدامها البابور و البراد متاع التاي متاع العادة ....
رجعت قعدت ، ستوات البراد و سرحت في النار متاع البابور ، و عاود هزها خيالها ....
هزها خيالها المرة هاذي ، لأيام الي كانت فيها صغيرة ، وقتها كانوا زواولة في دارهم ، على قدهم ، كانت أمها تشري ب 20 فرنك قهوة و تنفخها في الماء و ياكلو منها الأخوة الكل باش يمشيو يقراو ، و هي سارحة سألت روحها علاش وقتها الميزيريا ما كانتش تتحس ؟ علاش وقتها كانت عايشة و راسها ما فيهش هموم ، علاش وقتها كانت ما تخممش في الفقرو الجوع ، تفكرتو قت كان عمرها 5 سنين ، وقتها كان بوها الله يرحموا يهزها يعمل بيها دورة على البهيم و تعمللها كسكروت بالتاي و هي ، شعرها مطعطش و لبستها مسخة و كانت فرحانة ! وقتها دورة على البهيم مع بوها بالدنية و ما فيها .
و هي سارحة في النار ، مدت يدها بالشوية بالشوية للبراد و هي موش مركزة و دموعها بدات تشىح على خدها ، و هي هكاك حست بسخانة !! حرقت يدها !! جبدتها بنطرة ياخي تكب براد التاي و طفى البابور !!
سكرت البابور و قامت تلوج على حاجة تمسح بيها ، دخلت للخربة إلداخل وين الخزانة ، عرضتها تصويرة قديمة معلقة على الحيط ، تصويرة حتى لو دار الزمان ما عادش باش تتعاود ،
تصويرة عايلتها ، هي و أمها و بوها و أخوتها وقت كان عمرها 7 سنين ، وقتها الفرانسيس إلي كانت أمها تخدم عنهم صوروهم ، و التصويرة قعدت عندهم ! تصويرة بالألوان في وقت ماكانش فمة تصاور أصلا في الدوار ! سرحت فيها و تفكرت هاكا النهار متاع التصويرة وقتها ، بوها الله يرحمو قبلوه في الجيش ، يعني ماعادش باش يخدم عند العباد وقتها تونس مازالت كيف إستقلت و الجيش مازالوا يشكلو فيه و بورڨيبة خرج في الراديو قبل بجمعة و قال إلي الجيش التونسي باش يقبل المطالب الكل خاطر بنزرت مازال فيها جنود فرنسيس و لازم تتحرر !! وقتها بوها فرحان شرالهم ڨازوزة و بسكويت و عملو حفلة صغيرة في الدار و حظروا معاهم العايلة متاع الفرنسيس إلي كانت تخدم عنهم أمها . تفكرت كيفاش وقتها أول مرة تشوف بوها يشطح و كيفاش أول مرة تاكل صحن كامل بسكويت و كيفاش نهارتها خرجت قدام الدار هي و بوها و هزها للحانوت و شرالها زوز كعبات حلوى و قلها ما تقولش لأخوتك ...
تفكرت برشه حاجات ، و هي سارحة كيف العادة ... سمعت صوت تدقديق على الباب ، تدقديق موش عادي ، بالقوي و متاع واحد يزرب ، مشات دوڨة دوڨة للباب و التدقديق مازال و ماشي و يزيد ، تسمع في صياح ، يا خالتي " رابحة " حل !! حل !!
قلبها سخف ، و يديها ولاو يرعشوا ، حست حاجة غريبة عمرها ما حستها ! حست بحاجة ما فهمتهاش آما حست إلي هي حاجة موش باهية ، زربت خطوتها شوية بالي تقدر عليه و هي تعكز بالعكاز ، وصلت للباب و الصياح مازال ، حلت الباب .... و قلبها صدق !!!!
يتبع إن شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.